في جولة إلي بوابة جنوب مصر .. إنها أســـوان
بالرغم من موقعها في أقصى جنوب الوادي من مصر، إلا أنها كانت قلبًا نابضًا بالحياة .
كانت موطن التحدي الذي صنع فيه الإنســـان العربي في مصر مستقبله عندما أصرّ على بناء الســـــد العالي . وكانت قلب الفن عندما إســتلهمت تراث فن النحـت القديم من أعمـاق التاريــخ لتصنــع منه إرثا ً معاصـرًا يحـوَِل الجرانيت إلى نماذج من الفن والجمال.
صورة خزان أو سد أسوان القديم :
صورة للسد العالي من الفضاء .. موجودة على الإنترنت :
صور للسد العالي :
على اليسـار محطة توليد الكهرباء .. عدد الوحدات الكهربائية بها 12 بقوة 175 الف كيلوات/ســاعة لكل منها
نتيجة لارتفاع المياه تكونت بحيرة ناصر
صورة للنيل عند السد :
وتخليداً للتعــاون الروسي المصـري أُقيم ليس ببعيــد عن الســد العـالي صـرح يمثل رمـز الصـداقة الروســية المصرية "رمز الصداقة" :
قبة الصرح حيث تلتقي اعمدته الخمسة عند هذه القبة المفتوحة:
"وجعلنا من الماء كل شيء حي" في الأعلى منقوشة على جدار أحد ألأعمدة.
ومنطقة السد منطقة محدّدة لها بوابة دخول
معلومات سريعة عن السد العالي :
"الخـائفون لا يصنعـون الحــريـة .. والمترددون لن تقـوي أيديهم المُرتعشة على البنـاء" (جمـال عبد الناصـر ) .
قصة السد العالي قصة ملحمة قومية بطولية خاضتها الأمة المصرية شعباً وحكومةً ترقبها أعين عربية متلهفة ومبتهلة لنجاح أول مشروع تحدي عربي لهيمنة الغرب وسيطرته على موارد ثروة العرب.. وذلك بعد أن رفضت حكومة مصر الخضوع والركوع لشروط دول الغرب لتمويل المشروع حتى انسحبت هذه الدول وإنسحب البنك الدولي من تمويل المشروع. بيد أن روسيا السابقة قدّمت الدّعم الأكبر لهذا المشـروع الذي توج بإنشاء صـرح الصداقة الروسية المصرية .
كان العرب جميعا يرددون مع عبد الحليم حافظ :
>
والفكرة لمهندس يوناني مصري يدعى دانينوس ،على حكومات مصر المتعاقبة إلا أن أحداً لم يولي الفكرة أدنى إهتمام ، حتى جاءت حكومة الثـورة التي وضعـت التنمية الإقتصـادية المصـرية في أعلى سلم أولوياتها وتبنت العرض فكرةً ومشروعا ً.. الذي بني بســواعد وهمّة 30000 مصري على مدار عشر سنوات من العمل الجاد .
أهم التواريخ عن السد :
5 / 1/1955 : الرئيس جـمال عبد الناصــر .. يعــرض على مجلس الوزراء فكرة إنشــاء الســـد العالي .
19/7/1956 : الولايات المتحدة تعلن سحب عرضها بتمويل المشروع تتبعها بريطانيا في اليوم التالي .
27/7/1956 : الرئيس جمال عبد الناصر يعلن تأميم قناة السـويس ليس فقط ردّا على الولايات المتحدة وبريطانيا بل إستمرارًا لتطبيق منهج الثورة بان يسترد المصريون أرضهم وان تكون السيادة عليها لهم .
9 / 1/1960 : يوم السبت الرئيس جمال عبد الناصر يضغط على الزر الاحمر فيحول جبلا كاملاً الى كميات من الصخور المتطايرة الصلبة إيذاناً ببـدء العمل ببناء السد العالي .. ومن المعروف أن تســعة أطنان من الديناميت إستخدمت لتفتيت الصخور وحفر القنوات .
يناير 1970 : إفتتاح الســد العالي .
أهم المعطيات عن السد:
حجمه: 17 ضعف الهرم الاكبر .
تكلفة بناءه ك 40 مليون جنيه (وتحسب كلفته اليوم باكثر من 18 مليار جنيه) .
طوله 3820 م .
اقصى ارتفاع 111 م.
عرض قاعدة السد 980 م.
عرض الشارع فوقه 40 م.
عرض مجرى النهر عند السد 205 م.
طول بحـيرة ناصر 500 كم ومتوســـط عرضـها 8 كم وأقصى ســعة للتخـزيـن 164 مليـار متر مكعب من المـاء .
و تلك التجربة الفنية المثيرة التي أقدمت عليها الدولة عندما دعـت عــددًا من خـيرة فناني مصــر في تلك الفتـرة أمثـــال : صـلاح طاهـر وتحيـة حـليم وعـبدالهادي الجـزار وراغـب عيـاد وغـيرهـم ، لتســجيل إبداعـاتهـم وإنطباعاتهم ، ومدى تأثرهم بما يحــدث قـبل أن تغيب هذه المشـاهد والمناظــر إلى الأبد عند الإنتهــاء من بنـاء السد .
الموسم السياحي يبدأ في شهر نوفمبر وحتى أواخر مارس للتمتع بشمس الشتاء الدافئة ، فهـذه المدينة تعتبر من أجمل مشاتي مصر وربما العالم ، حيث المناخ الجاف المعتدل، والهواء النقي ، والهدوء الذي ربما كان السبب وراء حرص الرئيس الفرنسي السابق (ميتران) على قضاء إجازته السنوية بها في كل عـام .
وعرفت مدينة أسوان قديمًا في اللغة المصرية بإسـم « سونو » بمعنى السـوق ، لموقعها الجغرافي في مدخل مصر الجنوبية إلى قلب القارة الإفريقية، مما جعلها ملتقى تجاريًا مهمًا يصل شطري وادي النيل شماله في مصر وجنوبه في السودان. وبقدوم العرب إليها العام 21 هـ أضيف حرف الألف «أسـوان» بعد أن كان أهل النوبة ينطقونها « سوان » ، وهي من أطـول محافظات مصر «560» كيلومترًا ، وكانت من قبل مركزًا وليسـت مدينة تابعة لمديرية الأقصر ، ثم أصبحت مديرية قبل قيام ثــورة يوليو ، وعند إعتمـاد منظومة الحكم المحلي ، أصبحت عاصمة لمحافظة أسـوان ، وهي تبعد عن القاهرة مسافة 899 كم ، تحدها من الشمال محافظة قنا ، وشــرقا ً محافظة البحر الأحمر ، وغـربًا محافظة الوادي الجديد ، وتحـدها جنوبًا جمهـورية السـودان .. وتعـتبـر محافظة أســوان واحة الأمن والأمان بين محافظات مصــر جميعًا ، تبعًا لإحصـــائيـات وزارة الداخليــة للجـرائم والحوادث ، حتى في الأوقات التي طالت أيدي العنف والتطرف المناطق الســياحية والأثريـة في كل مكان ، كانت محافظة أســوان بعيدة عن ذلك ، ويرجع البعض ذلك إلى طبيعة ســكانها ، فهم أناس طيبـون بالفطرة ، مرهفوا الحس ، ورقيقو الوجدان ، تفيض مشاعرهم ودا ً ورحمةً ، فحق لهم الفوز بجـائزة «مدينـة الســـلام» العام 2004م ، التي تنظمها هيئة اليونسكو العالمية .
أسوان .. الموقع الذي تفجر عنده النيل توهجًا وجمالاً
تستقبل قرابة 5 ملايين سائح سنويًا ، لما لها من شهرة قديمة كمدينة تاريخية عريقة ، تضاف دائمًا إلى لائحة المدن العالمية الواجب زيارتها .. وتزخر أسـوان بعدد كبير من الفنادق الرائعة والنزل الثابتة والفنادق العائمة، والرحلة في العادة تستغرق ثلاثة أيام ، وتبحر من أسوان إلى الأقصر لزيارة المعالم الأثرية بمدينة كوم إمبو وإدفو ، أو تبحر جنوبًا إلى معبد أبوسمبل ( رمسـيس الكبير ) وهناك رحلات تسـتغرق سبعة أيام حسب برنامج زياراتها للأماكن السياحية والأثرية الكبرى في المنطقة .
وقــد وفرت الطبيعة الجيولوجيـة لأسوان مخزونا ً لا ينضب من الأحجار الصـلدة ، كالبازلت والجرانيت بأشكاله وألوانـه المختلفة (الأسود والأحمر والرمادي) والديورايت ، فاشتغل أهلها بالمحاجر وقطع الأحجار ، وتشييد الكباري والسدود والأبنية الضخمة .
رحلة بقوارب شراعية تتهادى على صفحة النهر الخالد
تعتبر جزيرة فيلة من أجمل مناظر أسوان
أطراف جزيرة فِيَلة :
قبل أن يرسو القارب يأخذ لبك هذا المشـهد التاريخي العظيم وتلك الجدران الشامخة لمعابد كادت أن تندثر (معبد إيزيس الكبير)
معبد الآلهة إيزيس :
وفيلة هو اسم الجزيرة التي كان يقع عليها معبد "ايزيس" الذي اشتهر باسم معبد فيلة ويعني الاسم باليوناني "الحبيبة" أمَّا الإسم العربي لها فهـو "أنس الوجود " نســبة لأسـطورة أنس الوجـود في قصـص ألف ليلة وليلة .
«معابد فيلة» تم تنظيف الهياكل الحجرية وتفكيك أجزائها وإعادة بنائها في موقعها الجديد على جــزيرة أنجيكيا بعد تسوية الأرض فيها بحيث تشبه جزيرة فيلة التي غرقت تمامًا تحت مياه بحيرة ناصر
من نحت الطبيعة لكتل من الصخور البركانية الصلدة التي تبرز أحيانا داخل مجرى النهر
وخــلال هذه النزهة بين حـوانيت ومعارض أسواق أسـوان ، سوف يجذب انتباهك تعدد وتنوع الصناعات البيئية من الحرف والصناعات الفنية الشــعبية التي تتميز بها أســوان - دون غـيرها من المدن المصريــة - كموروث ثقافي يتسم بالعراقة والثراء ، وتتباين أشكاله في البناء والأثاث والحلي والرقص والغناء ، إضافة إلى التقاليد الاجتماعية والعادات والمعتقدات الشعبية.. وسوف تلاحظ مدى استخدامهم سعف نخيل البلح لتصنيع مشــغولات تســتخدم في الحــياة اليومية لأهـل المنطقــة .
وتحمل المشغولات (والإنتاج الشعبي عمومًا) بعض العناصر الزخرفية ورموزًا لها دلالات معنوية وأسطورية، فاستخدام الزهور يعني المحبة والصداقة ، والهلال والنجمة يعتبران رمزين إسـلاميين ، وللتعبير عن التشـاؤم يكون الغراب أو البومة، وتوحي القطة السوداء بالتفاؤل، كما كانت معتقدات أجدادهم المصريين القدماء .. وقد فازت مدينة أســـوان في العام 2005 بجائزة مدينة الفنون والإبداع ، وهي جوائز تقدمها اليونسـكو للمدن التي تتميز بالإبداع الفني والثقافي على مستوى العالم .
ويمكنك إستقلال عربة حنطور أو تاكسي بعد تجوال يمكن أن يتجاوز أكثر من ساعتين ، لتنتقل به إلى مقهى على كورنيش النيل لإحتساء القهـوة المميزة لأهــل أسوان على صوت موسيقى وأغاني فلكلورية ( على أنغام الدفوف) وأناشيد فردية على الربابة،ولتندمجوا في الجو أكتر ممكن تطلبوا تشغيل بعض أغاني المطرب المغني النوبي الكبير محمد حمام، صاحب أغنية «يا بيوت السويس» التي حركت الشارع المصري خلال حرب الإستنزاف ضد دولة الاحتلال الاسرائيلي (1968 - 1970) ، وكان محمد حمام أحـد أهم ثلاثة رموز نوبية سياسية نشطة في ذلك الوقت ، المحامي المتميز زكي مراد ، وأبو الرواية النوبية محمد خليل قاسم ، صاحب رواية «الشمندورة» .
متحف النوبة
للسمبوزيوم مقتنيات خاصة يضمها المتحف المفتوح ذات مستوى عال من الفكر والرؤية والفلسفة والتقنية
منذ اللحظة الأولى لدخول القاعات الرئيسية الواسعة بمتحف النوبة..تُدرك أنك كنت أمام عرض متكامل لحضارة مصر القديمـة وبلاد النوبـة ، ومرورها بعصــور متعاقبة منذ فترة ما قبل التاريخ ، حيث تشـاهد رسـوم حيوانات الإنسان الأول على جدران الكهوف ، إلى أن تصل إلى زمننا الحـاضر ، لعرض يصــف الحياة الإجتماعيـة لسكان بلاد النوبة وتراثهم الثري .
إفتُتِح متحف النوبة مع نهاية العام 1997 ، كثمرة للتعاون بين اليونســكو ــ المصرية ، فوق ربوة مرتفعة في مواجهة النيل على ضفته الشرقية بمساحة تبلغ أكثر من عشرة آلاف متر مربع، وراعى فيه المصمم المعماري المصري محمود الحكيم أن يتماشى بناؤه وفنون العمارة النوبية الأصيلة، إستحق عليه جائزة الأغاخان العالمية للتفوق المعماري .
ويلقى المتحف إقبالاً متزايدًا من الوفود (groups) السياحية ، وخلال تجوالك في أرجائه سوف تسمع لغاتٍ متعـددة يفســر بها (الأدلة) لوفودهم ما يشــاهدونه لأكثر من ثلاثــة آلاف قطعــة هي مجمـل القطــع والنمــاذج المعروضـة بالمتحف ، كما يعتبر المتحف مركزًا مهمًا للبحوث والدراسـات المتخصصة للحضارة المصرية القديمة والتراث النوبي .
جزيرة فيلة:
عندما تزور مدينة أسوان لابد لك من زيارة جزيرة فيلة ومعابدها ، ويجدر بك أن تعرف أنها ليست جزيرة فيلة الأصليـة التي غرقت تمامًا الآن ، ولا يبدو لها أثرٌ غير قضيب حديدي يبرز من تحت ســطح المـاء مؤشـرا ً لمكانها القديم، بعد أن نقلت المعابد التي كانت عليها بعد تفكيكها بالشكل نفسه على جزيرة (أنجيكيا) المرتفعة، التي تعرف الآن بجزيرة فيلة، وقد قامت شركات مصرية وإيطالية بفك كتل هذه المعابد وإعادة بنائها بالشكل نفسه، فيما عـدا معبد «كلابشـة» الذي تولته ألمانيـا الغربية ، وتولت فرنسـا جانبا ً من معبد « عمدا ً » وتم نقله على قضبان حديدية إلى مكان آمن في الموقع نفسه .
والحقيقــة التي تجب معـرفتها أن جـزيرة فيلة وما عليها من معـابد كانت تغمرها مياه خــزان أسـوان القديم ( 1902م) ، خاصــة بعد تعليته في العام 1934م ، الأمــر الذي جعل كامل الجــزيرة بما عليها من معـابد مغمـورة تمامًا بالمياه أغلب أوقات السنة ، وكان يشكل خطورة شديدة على صخور بناء هذه المعابد الجميلة .
وقد جاء إنقاذ هذه المعابد بعد إســتجابة هيئة اليونســكو لطلب الحكومــة المصريــة ، ومن بعـدها حكومــة الســودان ، بتقديم مســاعدات علميـة وفنيـة فعـالة ، إلى جـانب توفير التكاليف المالية لمشــروعات إنقاذ آثار النوبة .
وتنظم شركات السياحة رحلات يومية لزيارة الجزيرة، كما تستطيع بشكل فردي أن تؤجر قاربًا بخاريًا لتصل للجزيرة، مستمتعا ً بمنظرها الرائع ، وقبل أن تصل لشـاطئها تفاجأ بالمشـهد المهيب عندمـا تتواجـه مع جدران المعبد الرفيعة وأعمدته الشــامخة ، وإذا مكثت فترة على الجزيرة حتى يحل الظلام ، سوف تستمتع بعـروض الصوت والضوء والتي تقدم في أوقات مختلفة وباللغات:الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والأسـبانية ، وأيضــا ً من بينها اللغة العربية ، إنه مشهد ليلي رائع لصـرح تاريخي يعـود تاريـخ بنائه إلى القرن الخامس قبل الميلاد , أظهر السـقوط الضوئي تفاصيـل معماريـة تبرز جماليـات التصميم المعمــاري الفرعوني ، وزاده غموضًا وسحرًا وإجلالاً.
في ساحة العرض تُتابِع سـرد أحـداث العرض التاريخي للمعبد الرئيسي الذي شُـيِّد لعبادة الإلهة إيزيس زوجة أوزوريس ، وما كانت تـدور في هذه المعابد من طقوس وشعائر دينية ، مستعرضا ً النقوش والرســوم الجميلة والكتابات المصفوفة التي تحتفي بها جدران المعبد الداخلية والخـارجية ، كما يظهـر مشـهد دخول حتحور إلهة الخصوبة والحصاد التي تحمل رأس بقرة ، مذكرًا أن إيزيس تحظى بالتقدير اللائق بها .
إتخذ فنانو السمبوزيوم ربوة تُطل على بانوراما مدينة أسوان ورشة عمل منذ بدء فعالياته
ومن الفنادق العريقة كتراكت أو (أولد كتراكت) ، كما ينطقونه دائما، تميزًا عن فندق كتراكت الحديث، وتصعد إليه بمصعد الفندق الذي يعد تحفة بحجم غرفة سكنية من غرف هذه الأيام، وتتشكل جدرانه من حوائط زجاجية سميكة محفور عليها نقوش وزخارف وتتماسك بنجارة خشبية لأجود أنواع الخشب ، صاعدا ً في بطء وبلا صوت غير معترف بعامل الزمن .. الأجنحة ذات حوائط عالية جداً ، والتي أجبرت البناء على أن تكون له شــبابيك تدانيه الارتفاع، وهي منتشرة على طول وعرض الجناح المكون من ردهة المدخل وصالون وغرفة النوم ، وهناك نوافذ كثيرة متتابعة تغطيها ضلف خشـبية ( شـيش ) تسمح عند غلقها بمرور النســيم العليل والهواء النقي ، وتمنـع دخول الشمس ، وأخرى ضلف زجاجية غاية في الشفافية في إطارها الخشبي ، « التراس » المبني بالكامل من الأخشاب التي مرت عليها سنون طويلة، شهد خلالها أحداثا ً ولقاءات تاريخية مهمة .
القوارب الشراعية والبخارية الظلال أسفل التراس مرساة لها.
ماذا يعني أن تركب النيل في مركب شراعي وليس بخاريا، بالرغم من فارق السعر الذي يتضاعف مرات في حالة الشراع ، وإن قدر لك مثل هذه الرحلة النيلية فلن تنســى مناظر الطبيعة التي تؤنسك وتُشــبعك جمالا ومتعة وأنت على ظهر هذا النهر العظيم، خاصة في تلك البقعة منه، حيث يحتشدالشـاطئان بالنباتات الكثيفة بمختلف درجات اللون الأخضر في تكوينات هارمونية وكأن متخصصًا فذا ً قام بترتيبها وزرعها مع بعضها ، ومن بينها(هذه الكتل الخضراء) تنبثق أشجار النخيل في تناغم متباينة متدرجة في الارتفاعات دون رتابة أو تكرار ، إنها الطبيعة بتلقائيتها وعفويتها، فضلاً عن كتل الصخور البركانية الصلدة ، والتي تحف الشاطئ أو تبرز داخل مجرى النهر ، وكأن « هنري مور » النحات العالمي قد مر من هنا ، فهي قطعة نحتية بالفعل ، لكنها من إنتــاج الطبيعة .. وستُدهش ويزداد عجبك أنه بالفعل قد قفز على هذه الأحجار فنانون مصريون قدماء على قدر عال من الحس الفني ، لينقشوا بعض رموزهم وكتاباتهم على هذه الأحجـار الفولاذية ، ولا حـيلة لك إن رغبت في توقف القارب لتمسك بهذه الأحجار ، فالقارب منساب بفعل النسـيم ويستقبله شراعه حتى محطــة الوصـــول لحديقة جــزيرة النباتات ، وهي شــمال جــزيرة فيلة ، ويعود الفضل في زراعتهـا بالنباتات والزهـور النادرة من إفـريقيا وآســيا للورد كتشـينر قائد حملة بريطـانيا على جـيش المهدي في الســودان العام 1891 .. ثم تولي القنصل العام في مصر. وتعتبر هذه الجزيرة سيمفونية من الألوان تفوح عطرًا وتصدح بأنواع مختلفة من الطيور.
وملتقى النحت العالمي
قد اجتذب «سمبوزيوم» أسوان نخبة من الفنانين المبدعين: نحاتين محترفين ينتمون لثقافات متعددة، بإعتباره اليوم أشهر وأضخم الملتقيات الدولية للنحت، التي يسعى كل فنان عالمي للاشتراك فيه.
إنه حالة كبرى من الاهتمام المتجدد بالتاريخ والفن الذي نحن أحوج ما نكون إليه في هذه الأيام، تأكيدًا لتقاليد مصر التي تكمن فيها جذور الحضارة الإنسانية على مدى التاريخ.
وتنبه الفراعنة منذ أيام الأسرة الأولى إلى المزايا الطبيعية التي ينفرد بها هذا «الموقع» باعتباره المصد الأول لمملكتهم، لوجود حاجز طبيعي من الصخور البلورية الصلدة، التي كانت تحد من اندفاع النيل. ومن هذه الأحجار الصلدة المتنوعة قدر لمصر أن تكون من أعظم شعوب العالم القديم في مجال الحضارة والبناء، ولقد كان الشيء الأهم في هذه المنطقة محاجر الجرانيت التي ستخرج منها الأحجار فكانت دائماً بمنزلة حجر الزاوية لانتعاش المدينة ورخائها، فنجدالملوك من بناة الأهرام من مدينة منف (الجيزة حاليًا) استخدموا كمية كبيرة من أحجار الجرانيت في بناء الهرمين الأكبر والثاني، وتبطين الهرم الثالث كله بالجرانيت.
ونجد حتشبسوت التي لم تشهد حروبًا، قد استمرت في العمل على تقطيع صخور الجرانيت من محاجر أسوان من أجل مسلاتها الضخمة العظيمة وإرسالها إلى كل جزء من أنحاء مصر.
وقد ازدهرت صناعة المحاجر في عهد رمسيس الثاني وتحتمس الثالث وأمنوفيس، وتقع هذه المحاجر في منطقة التلال جنوبي مدينة أسوان، ومازال المحجر الشمالي حتى اليوم يحتوي على أثر عظيم، حيث المسلة الضخمة غير المستكملة بسبب العيوب التي ظهرت في بنية الحجر، ويبلغ طولها 173 قدماً وتشهد على قدرة عمال المحاجر في معالجة وفصل وتقطيع هذه الأحجار الصلدة.
ويشيد أهل التاريخ وأساتذة المصرولوجيا بما وصل إليه العمل الفني في صقل الجرانيت في العصر الذي يعرف بـ «الحجر المصقول» في مصر، فقد وصلوا حدًا من الإتقان والدقة، بحيث يتعذر معه أن يوجد له مثيل في أي بلد آخر.
صورة المسلة غير المستكملة :
وهذه لها من خلف الأسوار :
لغة الحجر
إنه حوار يومي يدور بين الفنان وحجره الضخم ليتعامل معه بقسوة وشدة، ومن إحساس ورقة في حذف ما هو زائد من الكتلة مع الحرص البالغ ، فلا يزيل أكثر مما يتطلبه التشكيل الذي يريده، فلا مجال هنا للخطأ لأنه لا يمكن تصحيحه.
ومما لا شك فيه أن نتائج هذا السيمبوزيوم كثيرة، فقد أصبح في مصر مجموعة رائعة من الأعمال الفنية لمثالين ونحاتين مميزين ستكون متحفًا عالميًا للنحت يضاف إلى أهم المعالم السياحية بمدينة أسوان، كما أن هناك بعض القطع يمكن أن تأخذ طريقها لتجميل بعض المواقع والميادين المهمة في أسوان (35 عملا)، وسائر المدن المصرية من الإسكندرية حتى توشكا التي بها عملان، وهناك ثلاثة أعمال بوزارة المالية الحديثة بالقاهرة، وفي ميدان الحجاز عملان ، واثنان بمنطقة الدقي وثلاثة أعمال بالشيخ زايد وعمل واحد بالحديقـة الدوليــة وفي قنا عمل مهم. كما نرى بالفعل النحت العملاق للفنان آدم حنين في مدخل طريق السد العالي، ومع انتشـــار هذه الأعمال الفنية تستشعر بها جماهيرنا وننشر الوعي والذوق الفني العام، ونكسب حب واحترام مواطنينا للفن ومبدعيه.
والحقيقة أن هذا الملتقى السنوي الذي ترسخ مع توالي السنوات الماضية، قد أعاد فن النحت وصناعته بعد أن خفتت منذ زمن بعيد فيما عدا بزوغ نجم رائد الفن المصري المعاصر المثال محمود مختار وإنجازه «تمثال نهضة مصر» المنفذ بالجرانيت ليعبر عن ثورة 1919، وجسد فيه الفلاحة المصرية رمز العطاء والزراعة رافعة عن وجهها الغطاء، وتعتمد على أبي الهول في إشارة إلى التاريخ القديم، الذي يهم بالنهوض رمزًا لنهضة المجدالقديم، وقد ساعده في نحت الجرانيت حرفيون من إيطاليا. ولم يأت بعد ذلك إلا الفنانان محمود موسى وعبدالبديع عبدالحي ممن نحتا تماثيل من الحجر الصلد بأحجام متوسطة وصغيرة.
المتحف المفتوح
بلغ مجمل الأعمال النحتية المنفذة من الجرانيت منذ بداية انطلاقة سيمبوزيوم أسوان العام 1996 وحتى الآن حوالي 150 عملاً ، تتجمع غالبيتها على مساحة ألف متر مربع تتوسط بين صخور الجرانيت التي شكلتها الطبيعة بالقرب من منطقة المحاجر ،وهي هضبة جميلة تطل على الوادي ، حيث مياه النيل والأشجار والزراعات الخضراء ومن الناحية الأخرى تشرف على الصحراء بين خزان أسوان والسد العالي، لتكون نواة أول متحف للنحت ، يضم تجمعاً لأعمال إبداعية لفنانين مصريين وعربًا وعالميين تتآلف في تناسق وتعارف قوي حميم يؤكد على محبة الشعوب بعضها بعضا وبلا فوارق.
كشك تراجان :
وتعود اقدم اجزائه الى القرن الرابع ق. م مع استمرار الاضافات عليه في عهد البطالمة والرومان الى فترات امتدت حتى القرن الثالث ميلادي حيث قام المسيحيون ببناء كنيستين وتحويل قاعة الأعمدة الى كنيسة.
(كشك الأمبراطور تراجان)
قبور الفاطميين
تعود هذه القبور المبنية من الطوب اللبن للقرن التاسع عشر ميلادي.
كورنيش اسوان من أحد المراكب التقليدية :
سفينة اسمها "مريم" راسية على ضفة النيل:
جزيرة النباتات
تقع في وسط النيل بالقرب من جزيرة الفنتين، وتعد معرضا طبيعيا لنباتات وأشجار المناطق الحارة والمدارية (الأستوائية) . بها العديد من النباتات الفريدة وتُعد مرجعا علميا لطلاب العلم كما يوجد بها المتحف النباتي والمكتبة المعشبة.
المتحف النباتي للنباتات المجفّفة :
الجاك فروت الأخضر ها هو مجفّفاً :
جولة سريعة بالجزيرة :
أنظروا الى النخلة النائمة
هل يعقل أن هذا هو شجر الجاك فروت التي تصبح حبته كبيرة جداً جداً ؟ :
معرشات ومقاعد مختلفة وجذّابة
مَرسى المغادرة وتظهر في الصورة منطقة المقاهي والاستراحة :